ارتفاع الحرارة يحصد أرواح حجاج بمكة وسياح باليونان وموظفين بالهند
والصيف المنصرم "الأشد منذ ولادة المسيح"
لم يدخل الصيف رسميًا بعد، لكن ارتفاع درجات الحرارة تسبب في حصد أرواح العشرات بالفعل، ففي الهند، خلال الانتخابات الأخيرة، توفي ما لا يقل عن 33 موظفًا في مراكز الاقتراع بسبب الإجهاد الحراري في نفس اليوم.
ولقي ما لا يقل عن 41 أردنيًا حتفهم أثناء أدائهم فريضة الحج إلى مكة، حيث قيل إن درجة الحرارة بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند أكثر من 51 درجة مئوية.
وأفادت السلطات السعودية بعلاج أكثر من 2000 حاج يعانون من الإجهاد الحراري.
وخلصت دراسة أجرتها جورنال أوف ترافل آند ميديسين في 2024 إلى أن ارتفاع درجات الحرارة العالمية قد يتخطى ما تتحسب له استراتيجيات التعامل مع الحرارة، وقالت دراسة أجرتها جيوفيزيكال ريسيرش ليترز في 2019 إنه مع ارتفاع درجات الحرارة في المملكة بسبب تغير المناخ، فإن الحجاج الذين يؤدون فريضة الحج سيواجهون “خطرا شديدا”.
وفي اليونان، فارق 3 سياح على الأقل الحياة لمجرد المشي دون وجود ما يكفي من الماء أو الظل.
في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وجدت معلومات جديدة أن الصيف الماضي كان الأكثر حرارة منذ ولادة المسيح، وفي الولايات المتحدة أودت الحرارة بأكبر عدد من الأرواح منذ بدء تسجيلها في الثمانينيات.
هذا العام يسير بخطى حثيثة ليصبح أكثر حرارة، ما يدفع إدارة الكوارث إلى منطقة مجهولة مع ظهور أزمة المناخ حسب المنطقة واضطرابات المياه.
ففي الجنوب الغربي القاحل، تشتعل حرائق الغابات من رويدوسو في نيو مكسيكو إلى مناطق قريبة من لوس أنجلوس.
وبعد أن جلب الشتاء الممطر المزيد من الحياة النباتية إلى كاليفورنيا، هناك مخاوف من أن الصيف الحار قد يحول كل ذلك إلى وقود.
على الجانب الآخر، تسببت أيام من الأمطار الغزيرة -من البرازيل إلى فلوريدا- في حدوث فيضانات أضرت بالمنازل والسيارات وأرواح البشر. هذا الأمر أثر على البعض في فورت لودرديل الذين ما زالوا ينظفون بعد الصيف الماضي، والذي جلب نوعًا من الفيضانات التي من المفترض أن تحدث مرة واحدة فقط كل ألف عام.
وبحسب عالم المناخ بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، دانييل سوين، فإن "ما نراه الآن هو مجرد عينة مما ستكون عليه الحال طوال الوقت، في غضون عقد من الزمن أو نحو ذلك".
قضية التغيرات المناخية
شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة التطرف، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات والملوثات.
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية وحركة الهجرة والأنشطة البشرية.
وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
اتفاق تاريخي
وفي ديسمبر 2023، تبنت دول العالم بالتوافق أول اتفاق تاريخي بشأن المناخ يدعو إلى "التحوّل" باتجاه التخلي تدريجيا عن الوقود الأحفوري -بما يشمل الفحم والنفط والغاز- الذي يعد مسؤولاً عن الاحترار العالمي والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة.
وأقر النص المنبثق من مفاوضات مطولة وصل خلالها المفاوضون الليل بالنهار في إطار مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) الذي عقد في دبي بالإمارات، بالتوافق ومن دون أي اعتراض من بين نحو مئتي دولة حاضرة في الجلسة الختامية للمؤتمر.
ودعا النص الذي تفاوض المندوبون الإماراتيون على كل كلمة فيه، إلى "التحوّل بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في أنظمة الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، من خلال تسريع العمل في هذا العقد الحاسم من أجل تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050 تماشيًا مع ما يوصي به العلم".